توخيل في مواجهة صلابة سيميوني وأتلتيكو
عندما استلم الألماني توماس توخيل قبل أقل من شهر مهمة الإشراف على تشيلسي الإنكليزي، كان على دراية تامة بمخاطر تدريب فريق يملكه الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش.
وبجملة مقتضبة جدا، أجاب الألماني في مؤتمره الصحافي الأول على سؤال عما إذا كان يشعر بالقلق نتيجة منحه عقدا مع النادي اللندني لعام ونصف فقط، قائلا “ماذا يغيّر هذا الأمر؟ لو منحوني أربعة أعوام ونصف العام ولم يكونوا سعداء، فسيقومون بإقالتي في كافة الأحوال”.
ورغم ما حصل مع مدربين بارزين آخرين مثل البرتغالي جوزيه مورينيو، الإيطالي كارلو أنشيلوتي ومواطنه أنتونيو كونتي الذين أقيلوا من المنصب بعد قيادتهم الفريق اللندني الى لقب الدوري المحلي، أو حتى الإيطالي روبرتو دي ماتيو الذي منحهم لقبهم الوحيد في دوري الأبطال عام 2012 من دون أن يشفع له هذا الأمر، قَبِل توخيل التحدي الذي يواجهه كخليفة لضحية بارزة أخرى ,وهو أسطورة النادي فرانك لامبارد.
وشاءت الصدف أن تضع قرعة الدور ثمن النهائي لدوري أبطال أوروبا تشيلسي في مواجهة الفريق الأكثر ثباتا أوروبيا من حيث المدربين، أتلتيكو مدريد الإسباني الذي يستقبل الثلاثاء الـ”بلوز” في بوخارست عوضا عن العاصمة الإسبانية، بسبب قيود السفر المفروضة من السلطات للحد من تفشي النسخ المتحورة من فيروس كورونا.
ومنذ أن استلم الأرجنتيني دييغو سيميوني مهمة الإشراف على أتلتيكو عام 2011، شهد تشيلسي مرور تسعة مدربين وذلك في تناقض صارخ في النهج المعتمد من قبل الناديين، ورغم إنفاقه 220 مليون جنيه استرليني هذا الموسم لتعزيز فريقه بلاعبين جدد في ظل الأزمة المالية الهائلة الناجمة عن تداعيات تفشي فيروس كورونا، يجد تشيلسي نفسه في المركز الخامس محليا في حين يتصدر أتلتيكو ترتيب “لا ليغا” أمام العملاقين ريال مدريد وبرشلونة.
وحتى بعد تعثره في المرحلتين الماضيتين بتعادل وهزيمة، ما زال أتلتيكو في صدارة الدوري بفارق ثلاث نقاط عن جاره اللدود ريال مع مباراة أقل من الأخير، ما يعزز حظوظه بإحراز اللقب للمرة الأولى منذ 2014، فيما تنحصر طموحات تشيلسي بنيل مركز يعيده الى دوري الأبطال الموسم المقبل.
وبإمكان أبراموفيتش أن يزعم بأن فلسفته قد أعطت نتائجها لأن أي فريق في الدوري الممتاز لم يحرز ألقابا بقدر تشيلسي خلال أعوامه الـ18 تحت “سلطة” الملياردير الروسي.
“الأفضليّة لمن يجيد استخدام جنوده”
ويتضمّن ذلك بالطبع فوزه بلقب دوري الأبطال عام 2012، ما جعل الـ”بلوز” النادي اللندني الوحيد حتى الآن يرفع الكأس الغالية.
لكن بالنسبة لناد يتمتع بموارد مالية هائلة مثل تشيلسي، فإن عدم الثبات على مدرب له عواقبه على الصعيد المسابقة القارية الأهم على الإطلاق لأنه منذ خسارته أمام أتلتيكو بالذات في نصف نهائي موسم 2013-2014 (صفر-صفر ذهابا في مدريد و1-3 إيابا في لندن)، لم ينجح النادي اللندني في الخروج منتصرا من أي مواجهة إقصائية.
صحيح أن أتلتيكو بدوره فوت بفرصتين ذهبيتين لإحراز اللقب للمرة الأولى بخسارته في النهائي بطريقة دراماتيكية أمام جاره ريال مدريد عامي 2014 و2016، لكن تجديد ثقته على الدوام بسيميوني جعل من “لوس روخيبلانكوس” منافسا دائما وخصما يحسب له ألف حساب في المراحل المتقدمة من البطولة القارية.
فإلى جانب وصوله إلى النهائي مرتين، خاض أتلتيكو نصف النهائي في مناسبة أخرى وربع النهائي مرتين، وفازا بلقب الدوري الأوروبي “يوروبا ليغ” في الموسمين اللذين عجز خلالهما عن تخطي دور المجموعات في دوري الأبطال بقيادة سيميوني.
وما يزيد من أهمية ما يحققه أتلتيكو، أن قدراته المالية متواضعة جدا مقارنة مع منافسيه المحليين ريال وبرشلونة، وحتى أن سيميوني وجد نفسه مضطرا مرارا وتكرارا الى إعادة بناء فريقه بعد خسارة نجومه لفرق منافسة، بينها تشيلسي الذي جرده من الثنائي دييغو كوستا والبرازيلي فيليبي لويس من الفريق الذي توّج بلقب الدوري موسم 2013-2014.
وخلال الأعوام الماضية، خسر أتلتيكو جهود لاعبين مثل البرتغالي راداميل فالكاو، التركي أردا توران، الفرنسي أنطوان غريزمان، الفرنسي لوكاس هرنانديز، رودري أو الغاني توماس بارتي في صفقات كان بحاجة إليها من أجل تسديد الديون المتوجبة عليه، لكنه في الوقت عينه ضم الموهبة البرتغالية جواو فيليكس بنحو 125 مليون يورو.
بالنسبة لسيموني “في الحرب، من يفوز ليس الطرف الذي يملك أكبر عدد من الجنود، بل الذي يجيد استخدام ما لديه بأفضل طريقة ممكنة”.
والآن، الجميع يعي بأن مواجهة أتلتيكو في مسابقة دوري الأبطال يعني أن بانتظاره معركة شرسة، وهذه هي الطريقة التي يريدها ويحبذها سيميوني.
المصدر: وكالات