تواريخ مفصلية في مسيرة الأتزوري المظفّرة نحو اللقب
يحار المرء من أين يبدأ في مديح إيطاليا؟ من مدربها وكادره الفذ، أم من قلبي دفاعها المقاتِلين بونوتشي وكيليني، أم من موهبتها كييزا؟ أم يشير إلى قيمة جورجينيو أم إلى أفضل لاعب في البطولة دوناروما..
ولكن الإنجازات في هذه اللعبة، علمتنا أن ما يَصنع هؤلاء الأبطال، هو ما يحضرونه قبل المواعيد الكبرى، وليس ما يحدث دائماً في البطولة نفسها، مسيرٌ ومفترقات هامة تؤسس لصعودهم إلى منصات التتويج، بمساعدة من رجال أشداء لا يكونوا في دائرة الضوء عادةً.
إيطاليا لم تدخل البطولة مرشحة للفوز بها، ولكن من تابعها في الأشهر التي سبقت موعد المباراة الافتتاحية ضد تركيا، يعرف أن المنتخب يملك ما يجعل شعبه يفتخر به.
إيطاليا لم تولد في البطولة بل تقوّت من خلال مرورها بالحاجز تلو الآخر فيها، وصولاً إلى أصعب وأهم حاجز، مواجهة فريق شرس على ملعبه وبين جماهيره.
نستعرض بعضاً من أهم التواريخ التي مر بها الأتزوري في السنوات الثلاث الماضية والتي نعتقد أنها ساهمت في هذا المجد الكبير:
13 نوفمبر 2017: حين أعلن الحكم الإسباني ماثيو لاهوز نهاية مباراة إيطاليا والسويد في ملحق أوروبا المؤهّل إلى مونديال 2018، لم يكن لأحد أن يتجرأ على الحُلم، كانت معنويات الأتزوري وكلّ من يعشقه مدمّرة حرفياً.
لكن لأن القوى الكبيرى في كرة القدم تحتاج لصدمات كبيرة فإن لذلك التاريخ أهمية بالغة في إفاقة المارد الأزرق، فيكفي أن تغيب عن كأس العالم وأنت أحد كبارها، لأول مرة منذ 1958 لكي تحدث الثورة.
14 مايو 2018: حين كانت المنتخبات المتأهّلة إلى كأس العالم تعدّ العدّة لخوض غمار المونديال، قام الاتحاد الإيطالي بتعيين مانشيني مدرباً للأتزوري، علماً أنها كانت تجربته التدريبيّة الأولى في قيادة المنتخبات، ولم يكن قادماً من تدريب نادٍ كبير في دوري كبير، بل جاء من زينيت إلى تحد يعرف كل من له علاقة بكرة القدم في إيطاليا مدى صعوبته.
10 سبتبمر 2018: تخيلوا منذ ذلك التاريخ لم يقل أحد لمانشيني “هارد لك”، لم يعد لاعب من منتخب إيطاليا إلى منزله بخيبة أمل، لأن ذلك هو تاريخ آخر خسارة لإيطاليا، وكانت ضد البرتغال في دوري الأمم الأوروبية. منذ ذلك اللقاء، لم يهزم أي منتخب إيطاليا، 34 مباراة متتالية…
17 مايو 2020: أغلب الظن أن رئيس الاتحاد الإيطالي غابريال غرافينا حين قال إن هناك “مشروعاً يحتاج إلى وقت حتى يكتمل، ونريد استمرارية للعمل الذي تم تحقيقه على مدى السنوات الثلاث الماضية”. كان يعتبر أن الوصول إلى نصف النهائي في يورو 2020 نجاحاً.
لكن هل تعلموا أين ومتى قال هذا الكلام؟ في مؤتمر تجديد التعاقد مع مانشيني في قيادة منتخب إيطاليا حتى عام 2026 أي لخمس سنوات قادمة، تتضمن 2 يورو و2 مونديال منذ إعلان التجديد.
وقال مانشيني في مؤتمر تجديد التعاقد معه قبل نحو شهر من بداية اليورو “أنا سعيد جدًا، نريد مواصلة العمل الذي أثمر. في غضون عام سنخوض كأس أوروبا، المرحلة الأخيرة من دوري الأمم الأوروبية، وكأس العالم. الهدف هو النجاح في الفوز مع العلم أن الأمر لن يكون سهلاً وأننا سنحتاج أيضاً إلى قليل من الحظ”.
ما يعني أن عمل مانشيني وكادره كان يلقى كل الدعم من اتحاد اللعبة وكل الثقة به لاستعادة أمجاد ضائعة.
26 يونيو 2021: جاء لاعبو الأتزوري إلى ويمبلي في تلك الأمسية وهم يتوقعون ملاقاة خصم لن يكون أكثر من جسر عبور إلى ربع النهائي، ولو قيل إنهم سيراكمون فوزاً آخر على فريق ليس بقوي لن يأبهوا سوف يمرون ويتحضرون بشكل أفضل لمواجهة متصدرة التصنيف العالمي وإحدى المرشحات للقب بلجيكا.
النمسا كان لها رأي آخر فجعلت من ذاك التاريخ مفصلي في سير المنتخب نحو منصة المجد، وأخذوا المباراة إلى وقتين إضافيين، لكن المهمة تمت بنجاح قبل الوصول إلى ركلات الترجيح، وإلا لكانت إيطاليا ستلعب 3 مباريات من أصل 4 في الأدوار الإقصائية بشوطين إضافيين وبركلات الأعصاب القاتلة ما سيؤكد أنه واحد من أكثر الألقاب صعوبة في تاريخ اليورو.
من ويمبلي تحديداً، عادت الكأس الأوروبية إلى روما بعد أكثر من نصف قرن انتظر فيها عشاق الأتزوري تربّعهم على العرش، فهل يكون تاريخ الظفر بها مفصلياً في إنجاز يُصنع في ملاعب كأس العالم 2022 في قطر؟
المصدر: وكالات