الساحليّون يفتقدون المدرّب «الأب» في مواجهة الحكمة
تنطلق اليوم مسابقة كأس لبنان لكرة القدم، حيث تقام ثماني مباريات على مدى ثلاثة أيام ضمن الدور الـ16. إحدى هذه المباريات تجمع فريق شباب الساحل مع الحكمة اليوم عند 13.30 على ملعب بحمدون. قد تكون هذه المباراة هي الأصعب لفريق شباب الساحل، ليس على الصعيد الفني فحسب بل على الصعيد النفسي. فهي المباراة الأولى بعد رحيل المدرب«الأب» الحاج محمود حمود
عبد القادر سعد / جريدة الأخبار
قد لا تكون مباراة شباب الساحل مع الحكمة اليوم هي الأولى للفريق بغياب مدربه محمود حمود، فالفريق لعب أمام البرج والحكمة في الأسبوعين الخامس والسادس من دوري الدرجة الأولى بغياب الحاج حمود، وكان تحت إشراف المدرب المساعد الكابتن محمود علامة. لكن حينها كان مدرب شباب الساحل يرقد في المستشفى بعد إصابته بفيروس كورونا. اليوم يلعب شباب الساحل بعد رحيل الحاج حمود وسيكون تحت قيادة المدرب السوري حسين عفش. لا شك أنها مهمة صعبة على جميع الساحليين.
رغم مرور ما يقارب الأسبوعين على وفاة المدرب محمود حمود لا يزال الحزن يلفّ نادي شباب الساحل من الرئيس سمير دبوق إلى المدير حسين فاضل وليس انتهاءً بالجهاز الفني واللاعبين. أمرٌ يظهر بوضوح لدى زيارتك تمرين الفريق. تبدأ من خارج الملعب حيث تُعلَّق لافتة تحمل صورة الحاج حمود كُتِب عليه «عرفناك يا حاج لاعباً شاكراً ومدرباً لامعاً وإنساناً رائعاً». في ملعب التمرين بحلّته الجديدة تنتشر صور الحاج حمود مع بدء اللاعبين لتدريباتهم استعداداً للقاء الحكمة في الدور الـ16 من مسابقة كأس لبنان.
يحاول الجميع تصنّع «الطبيعية» والابتسام لكنّ الغصة واضحة في القلب.
لا تكاد تسأل المدير فاضل عن الأجواء في الفريق بعد رحيل الحاج حمود حتى يظهر الحزن على ملامح وجهه. يتحدث فاضل وهو يضع «بادج» على صدره يحمل صورة الحاج. تختنق الكلمات في صدره محتاراً من أين يبدأ. من الإنسان، من الأب، من المدرب، من الحامل لهموم النادي بأدقّ تفاصيله. يستعين بقائد الفريق زهير عبدالله «كابتن زهير قل له من هو الحاج حمود».
«ماذا أقول لك؟» يجيب الكابتن زهير. «أقول لك عن المدرب الذي هو أب لجميع اللاعبين وملاذهم الأول في أي مشكلة يصادفونها حتى لو كانت عائلية؟ أتحدث عن شخص تراه في بيتك لدى معرفته بوجود مشكلة شخصية، ليساعدك على حلّها؟ أروي لك عن مدرب لا تكاد تقول له بأنك تعاني من مشكلة صحية سواء عضلية تتعلق بكرة القدم أو غير ذلك، حتى تراه يتصل بك في اليوم التالي لتقابله أمام مركز عمل مدير النادي حسين فاضل كي يذهب معك إلى الطبيب الذي سبق وأخذ منه موعداً؟ ماذا أضيف؟ أقول لك بأنني احتجت إلى مواد أولية لبناء منزلي فأخذ على عاتقه تأمينها بأسعار مقبولة من قبل أحد أصدقائه الذين يعملون في هذا المجال؟».
يأخذ المدير فاضل الحديث من الكابتن زهير. «هو هكذا مع جميع اللاعبين. لا تظنّ أن الحاج حمود كان مدرباً فنياً. لقد كان كل شيء. يهتم بأدق التفاصيل. هو من يضع الميزانية للفريق. يضع كشفاً بالمبالغ للاعبين. يهتم بالأمور الصغيرة قبل الكبيرة. ارتفع عدد لاعبي أكاديمية الفريق بشكل كبير بسبب اهتمام الحاج حمود بها. تجاوز العدد الـ200 لاعب ومعظمهم يريدون أن يكونوا من مجموعة الحاج حمود» يقول فاضل في حديثه مع «الأخبار».
بعد رحيل الحاج حمود تسلّم قيادة العارضة الفنية للفريق المدرب السوري حسين عفش الذي سيقود الفريق في ما تبقّى له من منافسات لهذا الموسم. جرى إسناد هذه المهمة إليه بعد مباراتَي البرج والحكمة في الدوري. قَبِلَ عفش المهمة بعد تردد على اعتبار أنها مؤقتة بانتظار عودة الحاج حمود بعد تعافيه من تداعيات إصابته بفيروس كورونا. لكنّ الحاج حمود رحل متأثراً بهذه التداعيات فأصبحت المهمة أكثر صعوبة على عفش.
«لا أخفي عليك أنني قررت عدم الاستمرار في هذه المهمة بعد وفاة الحاج حمود رحمه الله. فأنا من البداية وافقت بناءً على طلب من الصديقين، الرئيس سمير دبوق والمدير حسين فاضل، رغم أنني كنت قد وافقت على عرض تدريبي في العراق ووضعت التأشيرة على جواز سفري. فالحاج حمود صديق وليس من السهل أن تتسلّم مكانه وهو مريض، فكيف الحال إذا رحل عن هذه الدنيا بعد كل ما بذله وزرعه في النادي من جهد ومحبة وصداقة؟ بعد انتهاء مراسم العزاء في ملعب النادي أبلغت الصديقين دبوق وفاضل بأنني لا أستطيع أن أكون مدرباً للفريق. فوضعي النفسي صعب إزاء تسلّم منصب كان يحتله صديق له كل هذه السيرة الطيبة في الوسط الكروي على جميع الصعد الفنية والإنسانية والأخلاقية. لكنّ دبوق وفاضل أصرّا على أن أتسلّم المهمة حرصاً على مصلحة الفريق رغم كل الألم والوضع النفسي الصعب» يقول المدرب عفش لـ«الأخبار».
هذا الوضع النفسي كان هاجس الجميع في الفترة الماضية وقبل لقاء اليوم. ورغم أن الجميع مطالب بالخروج من الحالة النفسية السيئة، إلا أنه لا أحد قادر على مساعدة غيره. فالكل سواسية. «قبل أن أفكر في إخراج اللاعبين من الحالة النفسية الصعبة، يجب إخراج الإداريين منها أولاً كي يساعدوني على رفع الروح المعنوية لدى اللاعبين. فحسين فاضل كان على علاقة قوية ومتينة بالحاج حمود وبالتالي يحتاج هو إلى أن يخرج من وضعه الصعب كي يساعد الآخرين. المهمة صعبة وتحتاج إلى وقت» يضيف المدرب السوري.
وعن لقاء اليوم وضرورة الفوز به يقول الكابتن عفش: «الجميع يحب الحاج حمود ويجب ترجمة هذه المحبة على أرض الملعب من خلال تقديم أداء جيد وتحقيق نتيجة طيبة. فهذا سيكون نتيجة جهوده التي بذلها مع الفريق. هذه هي رسالتي إلى اللاعبين وأتمنى أن يكون التوفيق إلى جانبنا» يختم عفش حديثه الذي تغلب عليه المرارة.
المصدر: وكالات